أنه شيء مروع رهيب.. أن يندفع رجال القبائل الآسامية الذين يدينون بالهندوسية في شكل عصابات جماعية مسلحة بالحراب وأسنة الغاب واللهب والأسلحة النارية والقنابل اليدوية إلى القرى التي يسكنها كثير من المسلمين الذين ينتمون إلى أصل بنغالي. ويندفعون نحو السكان المسلمين يقتلون ويذبحون ويحرقون.. لا يفرقون بين الشيوخ والرجال والنساء والأطفال. لقد فرَّ الرجال هرباً من الموت وطلباً للنجاة في زعمهم تاركين النساء والأطفال والشيوخ ظناً منهم أن المقاتلين لا يمسونهم بسوء، توهماً.
إن كل قوانين العالم قديمه وحديثه تحرم قتل العجزة من الصبية والنساء والكبار. ولكن أنَّى يتأتى للوحوش الضارية أن تفرق بين صغير وكبير، وقوي وضعيف.
إن هؤلاء القتلة ليسوا مقاتلين شرفاء يقاتلون ويقتلون دفاعاً عن حق مسلوب أو انتصاراً لمبدأ أو واجب أو دفعاً لمذلة وهوان. وإنما هم إلى وحوش الغاب أقرب..
إنها لإحدى مهازل هذا العصر الذي ما يزال يتشوق فيه بعض الأدعياء أنه عصر الحريات وعصر حماية حقوق الإنسان وأنه عصر العلم والتكنولوجيا التي ذللت سبل العيش. ويسرت وسائل الحياة للإنسان وتبّاً له من عصر أصبحت فيه القوة الطاغية الباغية هي القانون الذي يتحكم في مصاير الملايين من البشر، ويعترف بها ويخضع لها أولئك المغلوبون المقهورون الذين يكادون ولا يكيدون، وتنتقص أقدارهم وتسلب أعمارهم فلا يجزعون ولا يأبهون. ولا يمتعضون. لأنهم عن قوانين الأرض وقوانين السماء غافلون ساهون.
ولكن لابد للمتتبع لأحداث العنف الطائفي في ولاية آسام الهندية من أن يسجل مجموعة من الحقائق المجردة عن عواطف الرحمة وأحاسيس الألم والإحباط.