ولقد روع سقوط الرها في يد عماد الدين الصليبين المقيمين في الشرق فأرسلوا إلى أوروبا يستدعون حماة الصليب للدفاع عنهم وجاءت الحملة الصليبية المعروفة (بالحملة الثانية) ولكنها لم تحقق الغرض الذي جاءت من أجله وهو تخليص الرها بل حاصرت دمشق فاستنجد أميرها بابني عماد الدين: سيف الدين غازي أمير الموصل ونور الدين محمود أمير حلب ودافع الأمراء الثلاثة عن المدينة فلم يتمكن الصليبيون من فتحها ورجعت الحملة إلى أوروبا تجر أذيال الخيبة [٨] .
وكان عماد الدين زنكي قد توفي بعد استيلائه على الرها فحمل ابنه نور الدين محمود أمير حلب لواء الجهاد الإسلامي ضد الصليبين ووحّد بلاد الشام تحت حكمه وسبق معاصره الصليبى (عمورى الأول) إلى فتح مصر.
وبعد موت نور الدين سنة ٥٦٩ هـ حمل صلاح الدين الأيوبي راية الجهاد الإسلامي وفي السنة التي توفي فيها نور الدين مات عمورى الأولى وخلفه على بيت المقدس ابنه (بلدوين الرابع) وكان أبرص [٩] . وبموت عمورى فقد الصليبيون شخصية قوية كانت تسيطر على الإمارات الصليبية سيطرة قوية وتقرب في الكفاءة الحربية من شخصية نور الدين بطل المسلمين.
صلاح الدين يخلف نور الدين في زعامة العالم الإسلامي:
في سنة ٥٦٩ هـ توفي السلطان نور الدين محمود ولم يترك من الذكور سوى الصالح إسماعيل وكان في الحادية عشرة من عمره فاتفق أمراء الدولة على مبايعته بالسلطنة على أن يتولى الأمير شمس الدين بن المقدم الوصاية عليه [١٠] .
ولقد خطب صلاح الدين في مصر للملك الصالح إسماعيل وسك النقود باسمه وأعلن طاعته له ولكن أمراء دولة الملك الصالح تنافسوا فيما بينهم على السيطرة على السلطان الصغير وأعلن ابن عمه سيف الدين غازي الثاني استقلاله ببلاد الموصل.