للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبهذا استقر الحكم للمسلمين، وأصبحت الأندلس دولة مسلمة موحدة.

في عام ٤٩٤ أو قريباً من ذلك عبر يوسف عبوره الأخير، وكان قد عهد إلى القائد سير بن أبى بكر بأمور الأندلس، ولما كان من عادة يوسف إذا خرج من عاصمة البلاد أن يكون ناوياً الجهاد، فقد وجه جيشاً بقيادة محمد بن الحاج إلى جهة طليطلة، وكانت لا تزال عاصمة قشتالة فالتقى بالفونسو وجيشه قريباً منها، فانهزم جيش الفونسو متكبداً خسائر كبيرة.

ثم توجه يوسف إلى قرطبة عام ٤٩٥ هـ، وأخذ البيعة لابنه على بن يوسف بن تاشفين لما يتمتع به من النباهة والحزم والتقوى، فقد كان مقتفياً سيرة والده. فووفق على ما طلب، وأشار على "عَلىّ أن ينشئ في الأندلس جيشاً مرابطياً ثابتاً. وأن يحسن السياسة والرفق والعناية بالأندلس"ورجع إلى عاصمة ملكه (مراكش) وفي عام ٤٩٩ هـ تزايدت العلة بأمير المسلمين وهو معظم مهوب لا يخلد إلى راتبه ولا يسكن إلى دعه.

وما زالت حالته تسوء، ويذبل جسمه شيئاً فشيئاً حتى وافه الأجل المحتوم، فتوفي رحمه الله سنة ٥٠٠ هجرية بمراكش عن مائة عام كاملة، فكان لوفاته وقع عظيم في المغرب والأندلس والمشرق العربي. ورثاه العلماء والفقهاء والشعراء ومما قاله أبو بكر بن سوار الأشبوني:

دين الذي بنفوسنا نفديه

اسمع أمير المسلمين وناصر الـ

لم ترض فيها غير ما يرضيه

جوزيت خيراً من رعيتك التي

حتم القضاء بكل ما تقضيه

تصل الجهاد إلى الجهاد موفقاً

في كل ما تبديه أو تخفيه

متواضعاً لله تظهر دينه

رحمه الله ورضي عنه.


[١] راجع إن شئت كتابين يوسف بن تاشفين وعبد الله بن ياسين. .
[٢] سبته ومليلية مدينتان عظيمتان بأرض المغرب لا يزالان تحت السيطرة الأسبانية.