أي إذا رضيت عنىِّ بنو قشير، ويحتمل أن يكون (رضي) ضمن معنى (عطف) من باب إعطاء الشيء حكم ما أشبهه في معناه، ولهذا تعدت رضي بعلى في البيت المتقدم لما كان (رضي عنه) بمعنى أقبل عليه بوجه وده، وقال الكسائي:"إنما جاز هذا حملاً على نقيضه وهو سخط "[٢٥] .
ومن مجيء (على) بمعنى (عن) قول عدي بن زيد:
يحكي علينا إلا كواكبها
في ليلة لا نرى بها أحداً
أي يحكى عنا إلا كواكبها، وقال بعضهم أن (يحكي) ضمن معنى ينم ولذلك عداه بعلي فهو من باب إعطاء الشيء حكم ما أشبهه في المعنى.
ب- (عن) تفيد (معنى المجاوزة) ولا تفيد سواه عند البصريين قد تخرج عن هذا المعنى فتفيد (معنى الإستعلاء) مقترضة إياه من (على) وذلك على رأي غير البصريين. يشهد لذلك قوله تعالى:{وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِه}(محمد: ٣٨) أي يبخل على نفسه. وقول ذي الأصبع العدواني:
عني ولا أنت ديانى فتخزوني
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب
وقد فسر البيت ابن هشام بقوله: أي لله در ابن عمك لا أفضلت في حسب عَلَىَّ ولا أنت مالكي فتسوسني، وذلك لأن المعروف أن يقال: أفضلت عليه [٢٦] ، ونحو قوله تعالى:{إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي}(ص: ٣٢) أي قدمت الخير على ذكر ربي.
على- اللام:
أ- وإذا كان الإستعلاء في (على) هو أظهر معانيها فإنها أحياناً قد تأتي مفيدة معنى التعليل مقترضة هذا المعنى من (اللام) نحو قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}(البقرة: ١٨٥) أي لهدايته إياكم، ومن ذلك قول عمرو بن معديكرب:
إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت
علام تقول الرمح يثقل عاتقي
أي لم تقول الرمح يثقل عاتقي، (فعلى) في البيت بمعنى (اللام)[٢٧] .