والى هذا نحا القرطبي فقال: قوله (فتفرض عليكم) أي تظنونه فرضا فيجب على من ظن ذلك؛ كما إذا ظن المجتهد حل شئ أو تحريمه فإنه يجب عليه العمل به.
قال:"وقيل: كان حكم النبي صلى الله عليه وسلم إنه إذا واظب على شيء من أعمال البر واقتدى الناس به فيه أنه يفرض عليهم ".
وعلق على هذا الحافظ فقال:"ولا يخفي بعد هذا الأخير، فقد واظب النبي صلى الله عليه وسلم على رواتب الفرائض وتابعه أصحابه ولم تفرض ".
٢- قال ابن بطال:"يحتمل أن يكون هذا القول صدر منه صلى الله عليه وسلم لما كان قيام الليل فرضا عليه دون أمته، فخشي إن خرج إليهم والتزموا معه قيام الليل أن يسوي الله بينه وبينهم في حكمه، لأن الأصل في الشرع المساواة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أمته في العبادة ".
قال:"ويحتمل أن يكون خشي من مواظبتهم عليها أن يضعفوا عنها فيعصى من تركها بترك اتباعه صلى الله عليه وسلم ".
٣ – وقال الكرماني:"إن حديث الإسراء يدل على أن المراد بقوله تعالى {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَي} الأمن من نقص شيء من الخمس ولم يتعرض للزيادة ".
٤- وقال البعض:"إن الزمان كان قابلا للنسخ فلا مانع من خشية الافتراض وعلق عليه الحافظ بقوله:"وفيه نظر، لأن قوله تعالى {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَي} خبر، والنسخ لا يدخله على الراجح ".
٥- قال الحافظ: وقد أجاب في فتح الباري بثلاثة أجوبة أخرى:
أحدها: أن يكون المخوف افتراض قيام الليل بمعنى جعل التهجد في المسجد جماعة شرطاً في صحة التنفل بالليل، ويومئ إليه قوله في حديث زيد بن ثابت "حتى خشيت أن يكتب عليكم، ولو كتب عليكم ما قمتم به، فصلوا أيها الناس في بيوتكم" فمنعهم من التجمع في المسجد إشفاقاً عليهم من اشتراطه، وأمن مع إذنه في المواظبة على ذلك في بيوتهم من افتراضه عليهم.