روى الإمام البخاري في صحيحه [٤٧] عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال:"خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله ". انتهى.
هذا الحديث الذي ذكره الإمام البخاري معلقاً وقال: عن ابن شهاب وهو في الحقيقة عطف على ما سبق من الإسناد ورواه مالك في موطئه بإسناده نحوه.
شرح بعض الكلمات:(أوزاع) بسكون الواو، بعدها زاي معجمة، أي جماعة متفرقون، وقوله في الحديث: متفرقون: تأكيد لفظي.
(أمثل) أي أفضل كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه استنبط من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي، وإن كان كره ذلك لهم، فإنما كرهه خشية أن يفرض عليهم فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم حصل الأمن من ذلك.
(فجمعهم على أبي بن كعب) أي جعله إماماً. قال الحافظ:"كأنه اختاره عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم "يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله "، وقد قال عمر:" أقرؤنا أبي ".
(ثم خرجت معه ليلة أخرى) فيه إشارة إلى أن عمر ما كان يصلي مع الجماعة وراء أبي، لأنه يرى أن الصلاة في آخر الليل في البيت أفضل، فإنه قال في آخر الحديث:"والتي تنامون عنها أفضل ".
وقد روى محمد بن نصر من طريق طاوس، عن ابن عباس قال:" كنت عند عمر في المسجد فسمع هيعة الناس فقال: ما هذا؟ قيل: خرجوا من المسجد، وذلك في رمضان فقال: ما بقي من الليل أحب إلي مما مضى ". انتهى.