إن العالم يتطلع في هذا العصر المضني إلى أمة تتحمل الواجب المقدس في الدفاع عن الإنسان وإخراجه من الظلام إلى النور؛ أمة تستطيع بما فيها من ذخر روحي، وما عندها من قيم إلهية أن تكون أرقى بني الإنسان فكرا وشعورا وأنبله غاية وهدفا، وأقدره على تسلم القيادة في معمع الأخطار. هذه الأمة يجب أن تصير قدوة ولا تصير قدوة إلا إذا عرفت في تاريخها مثلا يقتدى، فريدا كاملا من البشر؛ كاملا في إنسانيته، في حبه الخير وبغضه الشر، لا عوج في طريقته ولا انحراف في شخصيته، تجده كتلة من المعاني الخالدة المتجسدة كلمات وعمل وتنظيم. إذا اتبعته أمته، وتبنت أهدافه ورفعت شعاره، وانطلقت في دروب سيرته صارت حياتها أشبه شيء بحياته.
هذه الأمة التي تستطيع ذلك بإذن ربها هم المسلمون، وذلك المثال الرفيع هو محمد صلى الله عليه وسلم.
إنه لم يبق لنا في هذه الأيام الشداد إلا أن نعود على نبع الفطرة الصافي نستقي منه؛ إنه لابد من العودة إلى الأنبياء.
ولقد جاء كبار الرسل أممهم على حال لا تختلف بما فيها من قلق وظلم وفساد والإلحاد وانحدار في القيم الإنسانية عن عصرنا. فلنقف إذن لحظات مع: