للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحافظ بعد ذكر هذه الروايات وغيرها:"قال ابن إسحاق: وهذا أثبت ما سمعت في ذلك (يعني به رواية محمد بن يوسف، عن جده السائب بن يزيد قال: كنا نصلي زمن عمر في رمضان ثلاث عشرة) وهو موافق لحديث عائشة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من الليل" [٨٢] .

وهذا الذي نرجحه لأنه يوافق فعل النبي صلى الله عليه وسلم. والمسألة فيها خيار، كما قال الإمام الشافعي:"رأيت الناس يقومون بالمدينة بتسع وثلاثين، وبمكة بثلاث وعشرين وليس في شيء من ذلك ضيق "، وعنه قال: إن أطالوا القيام وأقلوا السجود فحسن، وإن أكثروا السجود وأخفوا القراءة فحسن، والأول أحب إليّ ".

القول الثالث: وهو قول الإمام مالك بأن صلاة التراويح ست وثلاثون ركعة.

وجد أهل المدينة على ذلك: وقيل: ثمان وثلاثون، فقد روى محمد بن نصر المروزي، عن ابن أيمن، عن مالك هكذا، وقال مالك:"وعلى هذا العمل منذ بضع ومائة سنة ثم يقول مالك:"وليس في شيء من ذلك ضيق ".

فكان يرى أن الأمر موكول إلى المصلي فهو يختار العدد المناسب حسب نشاطه، وقد قال الترمذي في سننه:"أكثر ما قيل أنها تصلى إحدى وأربعين ركعة "- يعني بالوتر-.

ولكن نقل ابن عبد البر: عن الأسود بن يزيد:"تصلى أربعين ويوتر بسبع ".

وسبب اختيار أهل المدينة ستاً وثلاثين ركعة أن أهل مكة كانوا يطوفون بين كل ترويحتين طوافاً ويصلون ركعتين، ولا يطوفون بعد الترويحة الخامسة، فأراد أهل المدينة مساواتهم فجعلوا مكان كل طواف أربع ركعات فزادوا ست عشرة ركعة فصار المجموع ستاً وثلاثين ركعة. ذكره النووي [٨٣] وغيره. والحمد لله رب العالمين.


[١] البيهقي: ٢/٤٩٧.
[٢] انظر المستدرك: ٢/٤١.
[٣] الكاشف: ٣/.١٦٧.
[٤] المغني: ٢/.١٤١