كنت في كل مدينة يقع البحر بجوارها- أوهي تقع على شاطئه- أحاول ألا أغادر تلك المدينة إلا بعد الخروج إلى البحر لأرسم لها وله صورة في ذهني فاتفقنا على أن نذهب إلى شاطئ البحر في الساعة الثالثة والنصف وكان هذا الوقت وقت خروج الفترة الثانية من طلبة المدارس لأن كثرة الإندونيسيين تضطرهم لذلك: فوج يدرس في الصباح وآخر في المساء فكانت الشوارع مزدحمة ازدحاماً جعل سيارتنا كأنها غاصت في رمال خبت البقر (وهي صحراء ذات رمال مثل الجبال في جنوب المملكة العربية السعودية الغربي مشهورة من قديم الزمان بالخطر على المسافرين مشاة وركاباً لقلة مياهها وسكانها وطول مسافتها نسبياً حتى قال أحد المسافرين بعد أن نجا من الموت لشدة العطش والجوع: إذا أعدتك- أي إذا عدت إليك- يا خبت البقر سمنى الثور) . كانت السيارات كثيرة والدراجات العادية والنارية والعربات التي تجرها الخيول وعندما وصلنا إلى البوابة التي يدخل الناس منها إلى الشاطئ استقبلتنا فتاة قبض الضرائب فأخذت مالها، فلم نجد إلا سبخة جافة لا يرى ماء البحر على مدى البصر، فقلت لعبد الله باهرمز: أهكذا تتعبنا في هذا الزحام وتدفع ضريبة ثم نأتي فلا نجد البحر؟ قال: وماذا أفعل إذا كان البحر نزل- فرجعنا نتذكر المثل: أحشفاً وسوء كيله. وكان عبد القوي يضحك مرتاحاً، لأني أنا السبب في هذا السفر الطويل إلى بحر لم نجده.
زيارة مسجد المجاهدين:
أسس هذا المسجد سنة (١٩٥٣ م) وتتبعه مدارس تبدأ بالروضة (روضة الأطفال) ثم الثانوية العامة والثانوية الدينية والعالية الدينية.
وبعد صلاة العشاء ألقيت محاضرة (بعنوان: الجليس الصالح وجليس السوء) ثم صلى بنا الشيخ عبد القوي صلاة التراويح واجتمعنا مع المسئولين في هذا المسجد وذكر لنا أن ثلاث مقاطعات في إندونيسيا يستبسل أهلها في نصرة الإِسلام والدفاع عنه أكثر من المقاطعات الأخرى وهى: