أما إذا كان المعنى المقصود بالتحول وذوبان الصفات هو ما يطرأ على المادة النجسة من تغيير في صفاته الطبيعية من لون وطعم ورائحة وقوام عند إضافتها إلى مواد أخرى أو إضافة مواد إليها، فإن ذلك يؤدي إلى تعطيل أوامر التحريم وأحكام النجاسة، ويفتح الباب على مصراعيه أمام استعماله المواد النجسة أو الحرام ولو في خليط تكون فيه المواد النجسة أكثر من المواد الطاهرة، فما من مادة تخلط بمادة أخرى إلا ويطرأ على كلا المادتين تغييرات في الصفات الطبيعية تجعلها مختلفة عن المادة الأصلية المنفردة. فشحم الخنزير يختلف عن شحم الخنزير مخلوطاً بشحوم أخرى، كما أن شحم الخنزير بمفرده يختلف عن شحم الخنزير إذا أضيفت إليه مواد مكسبة للطعم أو الرائحة أو اللون. ومن السهل تغيير الصفات الطبيعية للحم الخنزير به وإخفاء لحم الخنزير تماماً وذلك بفرمه وخلطه بأطعمة ومواد أخرى وبلحوم أخرى وتقديمه باسم (لحم الخنزير) أو تحت أي اسم آخر معروف أنه لطعام يحتوي على لحم الخنزير فلو أننا أخذنا بالمعنى السابق للتحول وذوبان الصفات، لجاز للمسلمين أن يأكلوا لحم الخنزير، وشحم الخنزير، وكل حرام بهذه الحالات المقنعة، ولما بقي عليهم محرماً إلا لحم الخنزير أو شحم الخنزير أو الميتة بحالتها المفردة، وهي حالة يمكن الاستغناء عنها، وبهذا يتعطل تحريم أكل النجاسات والمحرمات، ويصبح أكلها ممكناً ومباحاً بهذه الصور المقنعة باسم التحول وإذابة الصفات بالمفهوم المطلق المذكور سابقاً.