وفي هذه الآية الكريمة حث من الله سبحانه لعباده وترغيب لهم إِذا حلت بهم المصائب من الأمراض والجراح والقتال والزلازل والريح العاصفة وغير ذلك من المصائب أن يتضرعوا إِليه ويفتقروا إليه فيسألوه العون. وهذا هو معنى قوله سبحانه:{فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} والمعنى هنا إِذا جاءهم بأسنا تضرعوا، ثم بين سبحانه أن قسوة قلوبهم وتزيين الشيطان لهم أعمالهم السيئة كل ذلك صدهم عن التوبة والضراعة والاستغفار فقال عز وجل:{وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} .
وقد ثبت عن الخليفة الراشد رحمه الله أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أنه لما وقع الزلزال في زمانه كتب إِلى عماله في البلدان وأمرهم أن يأمروا المسلمين بالتوبة إِلى الله والضراعة إِليه والاستغفار من ذنوبهم.. وقد علمتم أيها المسلمون ما وقع في عصرنا هذا من أنواع الفتن والمصائب، ومن ذلك تسليط الكفار على المسلمين في أفغانستان والفلبين والهند وفلسطين ولبنان وإثيوبيا وغيرها.. ومن ذلك ما وقع من الزلازل في اليمن وبلدان كثيرة ومن ذلك ما وقع من فيضانات مدمرة والريح العاصفة المدمرة لكثير من الأموال والأشجار والمراكب البحرية وغير ذلك.. وأنواع الثلوج التي حصل بها ما لا يحصى من الضرر ومن ذلك المجاعة والجدب والقحط في كثير من البلدان. وكل هذا وأشباهه من أنواع العقوبات والمصائب التي ابتلى بها العباد بأسباب الكفر والمعاصي والانحراف عن طاعته سبحانه والإِقبال على الدنيا وشهواتها العاجلة والإِعراض عن الآخرة وعدم الإِعداد لها إِلا من رحم الله من عباده.