تتغير حينما اطلعوا على ما فيه من سمو العقيدة وصفائها، وأخذ كثير منهم يتعرف على الإسلام مباشرة من مصادره الأولى، ويعرف المسلمين من خلال تعامله معهم لا من خلال كتابات المستشرقين ورجال الدين، وقد هالهم أن وجدوا شيئاً فذاً بعيداً كل البعد عما حاول رجال الكنيسة أن يصبوه في عقول الناس ووجدانهم، وأثمرت حركة التعرف المباشر هذه ثمرتها، إذ اعتنق عدد من أحرار مفكريهم الإسلام، وأخذوا يكتبون عنه، وفي مقدمة هؤلاء عدد من الفرنسيين يقف في الطليعة منهم الفيلسوف المسلم (جينيه رينو) ، أو الشيخ عبد الواحد يحيى، كما سمى نفسه بعد ذلك، وبلغ من سيادة هذا الاتجاه بين أحرار الفكر الغربي أن كتب تولستوي الأديب الروسي المشهور مقالا يعبر فيه عن إعجابه بعظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أزعج الكنيسة والقائمين عليها، ولم تستطع الكنيسة أن تكتم ضيقها بمثل هذه الكتابات، فأصدرت قراراً بحرمان تولستوي خشية أن ينهج سواه على منواله، وقد كتب له الشيخ محمد عبده رسالتين يحييه فيهما، ويشيد بشجاعته في الجهر بالحق، ويذكر له أن القرار الذي صدر بحرمانه، إنما هو وسام يعلي بين طلاب الحق مكانته في العالم كله، ومن يريد التعرف على المزيد من رجالات الفكر الغربي الذين اعتنقوا الإسلام فليقرأ كتاب الدكتور عبد الحليم محمود:(أوروبا والإسلام) . وعلى الرغم من انبثاق هذا الاتجاه بين المثقفين إلا أنه ظل يمثل ظاهرة فردية لم تتعد آثارها أصحابها إلى غيرهم من سواد الناس وعلى الرغم من ذلك، فقد شهدت هذه الفترة كتابات متحاملة على الإسلام، وتصدى علماء المسلمين للرد عليها، ومن أشهر هذه المعارك كتابات (هانوتو) ااوزير الفرنسي عن الإسلام، وتصدى الشيخ محمد عبده للرد عليها وتفنيدها، وتجد وقائع هذه المعركة مسجلة في كتاب تاريخ الإمام محمد عبده الذي جمعه الشيخ محمد رشيد رضا في مجلدين.