وأصبحت قريتهم مقصد كثيرين من رجال الدعوة والمشتغلين بالعمل الإسلامي، فقلما يمر أحدهم بلندن إلا ويتطلع لرؤية هذا النموذج ويقدم لهم المعونات المادية والأدبية وأعتقد أن رابطة العالم الإسلامي تستضيف عدداً منهم في موسم الحج من كل عام، ولهم مجلة فصلية باسم الإسلام تصدر باللغة الإنجليزية.
ومن ميزاتهم أنهم كلما وجهوا لأمر من الأمور وعرفوا أنه من سنن الإسلام أخذوا أنفسهم به وحرصوا عليه.
بقي أن تعرف أن الشخص الذي بدأ هذا التحرك كاتب ومؤلف مسرحي كان يكتب للإذاعة والتليفزيون من قبل، فلما اعتنق الإسلام وقف قلمه على الإسلام والدعوة إليه، ولست أنسى يوما التقيت فيه بمدير المركز الإسلامي في واشنطن الدكتور محمد عبد الرؤوف فإذا به يخبرني عن مقال في جريدة (الهيرالد تريبون) الأمريكية عن الإسلام كتبه رجل يسمى إيان دلاس، ويبدي إعجابه الشديد بما في المقال من معلومات قيمة وصحيحة عن الإسلام ثم يعلق قائلا:"إننا حينما نبعث لأصحاب هذه الصحف لا ينشرون لنا ولكن حينما يأتيهم اسم غربي ينشرون له بدون تأخير"وكانت سعادته وسعادتي بالغة حينما أخبرته أن إيان دلاس هذا هو عبد القادر المسلم الذي نتحدث عنه.
وهكذا أصبح المجتمع الإسلامي في انجلترا يتكون أولا من المهاجرين من البلاد الإسلامية عربية وغير عربية، وقد شهدت السنوات الأخيرة استقرار أعداد ضخمة من المثقفين من البلاد العربية في انجلترا من أطباء ومهندسين وعلماء ورجال أعمال وسواهم.
وثانيا من أهل البلاد الأصليين الذين أقبلوا على اعتناق الإسلام بكثرة ملحوظة.
احتمال المشاق في سبيل الرغائب
قال عمر بن عبد العزيز:
"إن لي نفساً تواقة، وإن نفسي تاقت إلى أشرف منازل الدنيا، فلما بلغته وجدتها تتوق إلى أشرف منازل الآخرة".
(ولا يخفى أن عمر بن عبد العزيز هذا تولى الخلافة فكان أعدل خلفاء بني أمية) .