ولقد أبدى الرئيس سرورا وفهما لكل ما عرضه عليه الملك عبد العزيز من أمور دولية، واقتنع بوجهة نظر الملك، ووافقه على كل ما ذكره، ووعد بحل كل مشكلة عرضها عليه، وكان في مقدمة ما عرضه عليه استقلال سوريا ولبنان -وكانتا لا تزالان ترزحان تحت الحكم الفرنسي.
ولقد قال المقربون من الرئيس روزفلت:
"إن الرئيس روزفلت لم يكن يتوقع أن يرى في ابن سعود الذي طلب مقابلته ما رآه فيه، ولقد رأى أنه رجل ذو مهابة خارقة وقوة عظيمة، فلقد ولد جنديا وقضى حياته كلها في خوض المعارك، وهو عربي من أوله إلى آخره، وفي كل وقت"[٣٠] .
ولما رجع الرئيس روزفلت إلى أمريكا قال في الكونجرس عن الملك - رحمه الله -:
"فقد وعيت مثلا عن مسألة الجزيرة العربية، تلك المشكلة بحذافيرها، مشكلة المسلمين، ومشكلة اليهود، وعيت عنها في حديث دام خمس دقائق مع ابن سعود أكثر مما كنت أستطيع معرفته بتبادل ثلاثين أو أربعين رسالة"[٣١] .
ولقد علقت مجلة (تايم) الأمريكية على تلك المقابلة فقالت:
"لعل الكثيرين دهشوا لاجتماع هاتين الشخصيتين المختلفتي النشأة والتربية، ولكن الواقع أن مقابلة الرئيس الأمريكي الذي نشأ في هايد بارك، ودرس في جامعتي جرتون وهارفارد، وعاهل بلاد العرب الذي لم يدرس إلا في مدرسة الإسلام والقرآن الكريم، ولم ير إلا الصحراء المحيطة به من كل جانب، هذه المقابلة كانت ناجحة إلى حد بعيد، وقد استمرت المحادثات بينهما فترة طويلة ظهر خلالها بوضوح مقدار ما يكنه كل منهما للآخر من صداقة وتقدير"[٣٢] .