للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما يقول ولي الدين يكن: "أحمد محرم في شعره نسيج وحده، وهو أقرب الشعراء المعاصرين ديباجة من شعراء العرب، وما زال يعاني ذلك في أول أمره معاناة حتى ملكه اليوم، وصار ملكة في طبعه، وليس في طبع الشعراء طبع أدل من طبعه وطبع حافظ إبراهيم على جودة الألفاظ، وكما أن خليل مطران فاق النظراء، بل فاق كثيرا من القدماء في معانيه، فكذلك أحمد محرم وحافظ فاقا النظراء، بل فاقا كثيرا من القدماء في ألفاظهما وتراكيبهما.. وأقرب وصف في هذا الباب أن يقال: أن خليلا أبلغ شعراء زماننا، وأن محرماً وحافظ أفصحهم" [٥] .

أما رأي (أحمد زكي أبو شادي) في الشاعر أحمد محرم فيأتي من خلال تعقيبه على الكلام السابق لولي الدين يكن فيقول: "بيد أن الشعر ليس مسألة فصاحة ألفاظ، ومهما يكن الجرس الموسيقي رائعا في شعر محرم، ومهما تكن فصاحته ناصعة وديباجته مشرقة، فليس شيء من هذا بالذي يكفي وحده ليخلق له منزلة فنية، وإنما الذي خلق له تلك المنزلة -قبل كل اعتبار آخر- حرارة عاطفته، وحرارة إيمانه القوي، وتذوقه الجمال، وتحليق خياله، وذكاؤه الخارق الذي يجعل تأملاته عميقة نافذة" [٦] .

ثم يعود (أبو شادي) بعد تعقيب على بعض أشعار أحمد محرم فيقول: وشاعرنا المعلم الحكيم المربي لأمته، المدافع عن بيضة الإسلام.. والمتصرف في فنون البلاغة تصرفاً أجله أمثال الرافعي وعبد المطلب والجارم، كما تأثر به جيل لاحق من أمثال أحمد رامي وعلي محمود طه وعزيز أباظه - هو هو عينه الشاعر المستقل الرومانطيقي، المفصح عن شخصيته النبيلة في جميع شعره، شأن الشاعر الحر المطبوع، وقد نوه الشاعر الجهير حسن كامل الصيرفي في عبقريته فقال: "إني لأقرأ البيت من شعر محرم فأحس كأن صدى أنغام عذبة تطوف على خاطري في حلم جميل، وإلى جانب هذه الموسيقى التي يتساءل عنها في قصيدة (وجودي) والتي يلمس تأثيرها في أنفس قرائه فيقول:

أمن أدبي تبيت الطير تبكي