للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يثاب حياً ميتاً بعد ما قبرا

كلاهما عاش في الدنيا وساربها

ونال مما بها - في عمره - وطرا

والفرق شتان بين السالكين فذا

يسير في دربه ناجٍ وذا عثرا

وكم من الهالكين اليوم يقذفه

هواه نحو الردى يوما وما شعرا

يظن من جهله أن السعادة في

ما يشتهيه من الدنيا ولو حظرا

وأن لذاتها تبقى له أبدا

ولا مرد إلى المولى ولا وزرا

حتى إذا ما تمادى في غوايته

وغره ما يرى من صحة وثرى

وسره كثرة الأصحاب تصحبه

وإن تذكره بالرحمن ما ادكرا

أتته من ربه عقبى ضلالته

تبدل الصفو من لذاته كدرا

والمال مال به نحو الهلاك له

وقد رأى منه من قبل اللظى شررا

وخانه المال والأصحاب ما ثبتوا

كبيرهم - حين حل الخطب- قد صغرا

تحول العز ذُلا، والرضى سخطا

وصار في الناس من بعد الثنا خبرا

فيا سعادة من رام النجاة غدا

فما توانى عن الخيرات أو قصرا

ويا شقاوة من ضل الطريق وقد

بانت له عبر كبرى فما اعتبرا

يا طالب العلم، بعض الناس قد زهدوا

علم الشريعة، قالوا: علم اندثرا

ولو وعوها تمام الوعي لاطلعوا

فيها من العلم ما في غيرها ندرا

من كل نافع علم للورى جمعت

وبينت سره لكن لمن بصرا

وللعلوم رجال لا يصدهم

عن نيلها عائق عنها ولو عسرا

يستسهل الصعب من رام الوصول إلى

أوج المعالي ويمشي السهل والوعرا

فاصبر وشمر لنيل العلم مدكرا

ما قيل من شاعر ماضي وقد أثرا

(لا تحسب المجد ثمراً أنت آكله

لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا)

ويبتلى المرء كي تقوى عزيمته

ويذبل الزهر حتى يخرج الثمرا

فاصدق مع الله في قول وفى عمل

وكن شكوراً إذا أعطى له شكرا

واعمل بعلمك في سر وفي علن

والجأ إلى الله فيما قل أو كثرا

نعم التجارة لا تخشى خسارتها

ما خاب من عامل الرحمن واتجرا