طلب منا أن نزور معهد ماننجاية، وهو يبعد عن معهد دار السلام مسافة مقدارها إثنا عشرة كيلومتر تقريبا، وهكذا تجد في أندونيسيا كثرة المعاهد والمدارس وبعضها بجوار بعض وصلنا إلى مقر المعهد في الساعة السادسة والنصف، وكنا نظن أن المسئولين في المعهد قد بلغوا بزيارتنا ولكنا عندما وصلنا لم نجد إلا ثلاثة أو أربعة من الطلبة قاعدين قرب باب المعهد بملابس نومهم، وكنا ماشين لأن السيارة لا تصل إلى مقر المعهد بسبب المزارع فلما رأونا بلباس عربي اضطربوا وأسرعوا لإخبار بعض المسئولين فخرج وكيل المعهد - بعد أن أيقظوه من نومه - فلما رآنا ورحب بنا ذهب هو أيضا ليوقظ مدير المعهد على رغم محاولتنا صده ذلك وطلبنا منه أن يجلس معنا قليلا دون حاجة إلى إزعاج المدير أو غيره لأنا على سفر فلم يجبه المدير في أول الأمر لأنه كان مستغرقا في نومه فرجع إلينا وكنا نؤكد عليه عدم إيقاظ أحد وهولا يزيد على الابتسامة، وسمعنا مكبر الصوت ينادي من المسجد ويذكر المملكة العربية السعودية والمدينة المنورة وأصبح المعهد في حالة طوارئ فأنكرنا ما حصل، وصاحبنا لا يزيد على الابتسامة شيئا وهذه عادة الأندونيسين إذا أرادوا شيئا نفذوه وهم يبتسمون أردته أم لم ترده دون أن يجادلوك أو يثيروا ضجيجا أو ايمانا وعليك أن تتحمل نتائج إبتساماتهم أنت كذلك دون جدال لأنه لا ينفع كثيرا.
ولم يقدر على بقاء المدير نائما فذهب يطرق عليه الباب مرة أخرى حتى جاء به من نومه مبتسما مثله، خرج المدير لابسا ثوباً وعمامة ملونة (شال) ملتحفا بأخرى على كتفه على هيئة لباس علماء الحضارم، وهو ملتح يميل لونه إلى السمرة يتهادى في مشيته مع وقار واعتزاز بنفسه فسلم علينا ورحب بنا وأخذ يشرح لنا حالتهم وحالة هذا المعهد فقال: أسسنا هذا المعهد سنة ١٩٦٧م وكنا قبل ذلك مع قومنا في الجبال والغابات نجاهد الشيوعيين والجمهورية -كما قال -.