إن الغرض الرئيسي الذي سيقت له هذه الآية الكريمة، هو الأمر بطرح التواكل، وإعداد القوّة الكافية لقتال الكفار المحاربين لله ورسوله والمؤمنين، ولقطع مجرد التفكير في غزو المسلمين والاعتداء على حدود بلادهم، وذلك لما يشاهدون من قوة المسلمين المتفوقة عليهم كمّية وكيفا، فإن من السنن البشرية أن ضعف العدو يغري بغزوه وقتاله، كما أن قوة العدوّ تصرف حتى عن مجرد التفكير في ذلك، فقد سبق أن قلت: أن السلم المسلح أفضل من السلم المجرد من السلاح، فلولا تعادل القوة الحربية عند المعسكر الشيوعي البلشفي، والمعسكر الرأسمالي الغربي لكانت الحرب العالمية الرابعة قد أعلنت وأتت على كل شيء من مظاهر هذه الحضارة العفنة الهابطة.
مباحث الألفاظ في الآية:
١- في القراءات: قرئ {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْل} بضم الراء والباء جمع رباط ككتاب وكُتُب. وقرئ {ترهّبون} بكسر الهاء وتشديدها من رهّبه إذا أوقعه في الرهب الذي هو الخوف وشدته.
٢- في النحو:{مِنْ قُوَّةٍ} الجار والمجرور في محل نصب على الحال، وصاحب الحال إما أن يكون الموصول {مَا} في قوله: {مَا اسْتَطَعْتُم} أو يكون العائد المحذوف أي ما استطعتموه وهو الضمير. وكذا جملة ترهبون فقد يصح إعرابها حالاً، وصاحب الحال الفاعل في جملة وأعدوا، أي أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل حال كونكم مرهبين به عدو الله وعدوكم.
٣- في البلاغة: التنكير بالتنوين في لفظ {قُوَّةٍ} للإبهام والعموم وذلك من أجل أن يطلب المسلمون كل أسباب القوة وأنواعها فلا يقصروها علَى نوع معين كالرماية مثلا، وإن ورد فيها حديث عقبة بن عامر عند مسلم:"ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي".