للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن قدامة: "ولو لم تكن واجبة لرخص فيها حالة الخوف، ولم يجز الإخلال بواجبات الصلاة من أجلها" [٦] .

٢- ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص للأعمى أن يتخلف عن الجماعة مع عذره.

قال أبو هريرة: "أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له، فرخص له، فلما ولىَّ دعاه، فقال: "هل تسمع النداء؟ " قال: نعم. قال: "فأجب" [٧] .

وعن عمرو بن أم مكتوم أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني ضرير البصر، شاسع الدار، لي قائد لا يلاومني، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟. قال: "هل تسمع النداء؟ "قال: نعم. قال: "فأجب، فإني لا أجد لك رخصة". وفي رواية "قال: يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، وأنا ضرير البصر، فهل تجد لي من رخصة؟. قال: "تسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ ". قال: نعم. فقال: "فحي هلا"، ولم يرخص" [٨]

قوله: يلاومني من الملاومة أي الموافقة والمناسبة.

قال الخطابي: "هكذا يروى في الحديث بالواو، ولكن الصواب: يلايمني: أي يوافقني، وأما الملاومة فإنها من اللوم وليس هذا موضعه".

والهوام: هوام الأرض أي حشراتها.

فحي هلا: حي بمعنى هلمَّ، وهلا: بمعنى عجل وأسرع.

قال الخطابي: "وفي هذا دليل على أن حضور الجماعة واجب ولو كان ذلك ندباً لكان أولى من يسعه التخلف عنها أهل الضرر والضعف، ومن كان في مثل حال ابن أم مكتوم".