فهذه الآيات المحكمات وما جاء في معناها من كتاب الله كلها تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده وأن ذلك هو أصل الدين، وأساس الملة، كما تدل على أن ذلك هو الحكمة في خلق الجن والإنس وإرسال الرسل وإنزال الكتب فالواجب على جميع المكلفين العناية بهذا الأمر والتفقه فيه والحذر مما وقع فيه الكثيرون من المنتسبين إلى الإسلام من الغلو في الأنبياء والصالحين والبناء على قبورهم واتخاذ المساجد والقباب عليها، وسؤالهم والاستغاثة بهم واللجأ إليهم وسؤالهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب وشفاء المرضى والنصر على الأعداء إلى غير ذلك من أنواع الشرك الأكبر، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوافق ما دل عليه كتاب الله عز وجل، ففي الصحيحين عن معاذ رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله". فقال معاذ: الله ورسوله أعلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا". الحديث. وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من مات وهو يدعو لله نداً دخل النار". وأخرج مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار". والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وهذه المسألة هي أهم المسائل وأعظمها وقد بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى التوحيد والنهي عن الشرك فقام بتبليغ ما بعثه الله به عليه الصلاة والسلام أكمل قيام وأوذي في الله أشد الأذى فصبر على ذلك وصبر معه أصحابه رضي الله عنهم على تبليغ الدعوة حتى أزال الله من الجزيرة العربية جميع الأصنام والأوثان ودخل الناس في دين الله أفواجاً وكسرت الأصنام التي حول الكعبة وفي