إنا إذا نظرنا إلى الاختلاف المذكور قريباً بين المناهج الفكرية واجهتنا مسألة مهمة، وهي أن ديننا الإسلام دين كامل فهل عنده من منهج فكري يمتاز عن سائر المناهج الفكرية؟ وهل يطالبنا الدين الحق اتباعه؟ أم جعل لنا الخيرة في استخدام أي منهاج وطريق للتفكر والنظر حسب ما نختار ونرضى؟ هل يجوز لنا أن نسلك في الفكرة الطبعية مسلك الجاهلين عن الإسلام أو الضالين الذين هم أعداؤه؟ أيباح لنا أن ننظر إلى العالم كما ينظر إليه كافر منكر لقدرة الله تعالى شأنه وعظمته؟ أم يجوز لنا أن نختار في الفكرة النفسية منهاج التفكر الذي يختاره أوربيون أو أمريكيون الذين هم منكرون للدين المبين كافرون به؟ كيف وإن الإسلام هداية كاملة، فلابد لنا أن يعلمنا منهاجا خاصاً للتفكر، لأن المزاج الخاص الذي تمتاز به أمة من أمة يحتاج إلى منهاج فكري خاص بها لحصوله وبقائه.
ولا حاجة إلى التصريح بأنه لا يتصور قوام أمة بدون مزاجها المخصوص بها، فإذا فسد مزاجها أو ضعف أصبحت تدحض عن موقفها وتبدل قوامها حتى تصير أمة أخرى أو تحرم مقام الأمة وتصبح زحام أفراد متفرقة لا يصدق عليها اسم الأمة أو القوم، أليس هذا أمارة واضحة وبرهان جلي على أن الأمة المسلمة هداها الإسلام إلى منهاج خاص للتفكر والنظر تمتاز به عن سائر الأمم، وتحفظ بها مزاجها الخاص بها؟ وبعد ما أوصلنا العقل السليم إلى هذه الحقيقة الضرورية لابد لنا أن نسأل القرآن المبين والسنة الكريمة عن وجود ذلك المنهاج المتين وحقيقته فاستمع لما يتلى عليك من الآيات الكريمة: