إن منهاج التفكر الذي نريد تعريفه وبيانه في هذه المقالة الموجزة ليس من مخترعات العقل بل هو ثابت بالكتاب والسنة القولية والعملية وكذلك بتعامل الصحابة - رضي الله عنهم - وبلفظ أخص هو سنة أي طريق مسلوك به ومأمور باتباعه في الإسلام، ولذلك سميناه (بالفكرة السنّية) أضف إلى ذلك أننا إذا تصورنا السنة بمعنى أوسع وعرفناها بكل ما ثبت عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وهو الذي علمنا الكتاب الحكيم، فمعنى الفكرة السنية هي الطريقة التي عرفت بالسنة أي بالقرآن العظيم وحديث النبي الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم كما نسمي بأنفسنا أهل السنة والجماعة أي متبعي القرآن والحديث وجماعة الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - ونثلث التوجيه بالتنبيه على أمر واقعي وهو أن (الفكرة السنّية) خاصة بأهل السنة والجماعة لا تختارها ولا تتبعها جماعة غيرهم، بل لا يريد ولا يتصور اختيارها واتباعها إلا أهل السنة.
وبناء على الوجوه المذكورة اخترنا لفظ (الفكرة السنّية) لمنهاج التفكر الذي هدانا إليه ديننا الإسلام، ويمكن أن تسمى ب (الإسلامية) أو (الفكرة الإيمانية) لكنا اتخذنا لفظ (الفكرة السنّية) مصطلحا في هذه المقالة الوجيزة ونستعمله في السطور الآتية لأنه أحسن الألقاب من ناحية دلالته على حقيقة ثابتة أننا معاشر أهل السنة ممتازون بين سائر الملل باعتبار منهاج التفكر كما نمتاز بينهم لخصائص أخر.
ماهية الفكرة السنّية:
ما ذكرنا من قبل من الآيات الحكيمة إنما تدل على أن الدين المتين يطالبنا باتباع منهاج مخصوص في تفكرنا ونظرنا وأنه تعالى شأنه قد أخبرنا بوجوده في تعليم دينه، أما ماهية هذا المنهاج أي ماهية (الفكرة السنّية) فلم يعلم بعد، ونريد أن نلقي الضوء عليها في السطور التالية: