الرابعة: أنه لابد لنا من التفكر في عالم الخلق إذا واجهتنا المشكلة المذكورة وابتلينا بالضراء المذكورة، فإن الميل إلى ابتغاء السبيل إلى دفع الضرر والتحرز عن الهلاك والدمار والجهد للبقاء أمور فطرية تطالب بالتفكر في عالم الخلق، وقد أوجبته الشريعة كما أوجبه العقل السليم - لاسيما وأن هجوم المخاوف قد بدأ قرنه من جهته - وإن التفكر في عالم الخلق والتكوين لدفع شر أعداء الإسلام وللدفاع عن الدين والمسلمين ولإعلاء كلمة الله الحق المبين واجب على الكفاية لأنه لابد منه في هذا الزمان للوصول إلى تلك المقاصد الحسنة. وبعد هذا التمهيد نقول وبالله التوفيق: إن الله الحكيم العظيم أمرنا في هذه الآية ب (الاستعاذة) به عز اسمه من شر مخلوق مساوق للشر، والأمر بالتوجه إلى شأن الربوبية المتعلقة (بالفلق) إشارة إلى أن المؤمن إذا ابتلي بشر مخلوق حادث من الفلق وأخذه التفكر في تدبير دفع الشر وجلب الخير لاقتضاء الفطرة وأمر الشريعة، فليكن تفكره ممزوجا بالاستعاذة بالله الذي هو رب الفلق وبيده الخير ولا حول ولا قوة إلا به، وليس المراد الاستعاذة القولية فقط بل المراد الاستعاذة الحالية والعملية أي الإنابة إلى الله والتوجه إليه والتزام طاعته مع سؤال العلم الصحيح النافع وتوفيق العمل به والتهيؤ للدفاع عن الإسلام متوكلا على الله العليم العظيم.