فإن المتفكر إذا أراد نصرة دين الله المبين، وأخلص نيته سيأتيه نصر الله القوي العظيم كما وعده ربنا الكريم بقوله في القرآن الحكيم:{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} وإن من النصرة إلهام العلم الصحيح والهداية إلى التدبير النجيح، وليس ذلك على الله بعزيز.
تنبيه: ظاهر أن لا ينتفع بتلك الأصول حق الانتفاع إلا من له معرفة معتد بها بالعلوم الطبعية (سائنسية) أو الرياضية، فتحصيلها واجب على الكفاية على الأمة في زماننا.
الفكرة السنّية النفسية:
قد بينا من قبل أنها التفكر في أمر مؤثر بالذات في سعادة النفس وشقائها، فإنها أعظم شأنا من الفكرة الطبعية لكونها أقوى ارتباطا بالسعادة والشقاء، ولكون تعلق حكم الشريعة بها أظهر وهي مطلوبة في كل شعبة من شعب حياتنا الاعتقادية والعملية من المعاشرة والسياسة والمعيشة وأمثالها، سواء كانت فردية أو اجتماعية لكن الحاجة إليها في حياتنا الاجتماعية والقومية أشد جدا، لأن تركها فيها أدهى وأضر، فإن الخطأ في الفكر المتعلق بالفرد فقط يوجب ضرر الفرد لكن الخطأ في الفكر المتعلق بالمجتمع موجب لضرر المجتمع، ثم يذوق وباله الفرد أيضاً، فضرره أشد وأمر مراراً من ضرر الأول.
والأمور التي تدخل تحت هذا النوع على قسمين:
الأول: الأمور التي لا حاجة فيها إلى الفكر لكونها مسلمة الثبوت عندنا، كفرضية الصلاة وحرمة القمار ونفع العدل وضرر الظلم.
الثاني: الأمور التي تحتاج إلى النظر والفكر ليتضح صحتها أو سقمها، وهي موضوعنا في هذه المقالة، ويواجهها المجتمع كما يواجهها الفرد، مثالها في الحياة الفردية مسألة تعلم الولد من رجل غير مسلم في هذا الزمان، وفي الحياة الاجتماعية مسألة التعاون والاتحاد بفرقة ضالة لهدف مشترك.