المثال الثاني: فرضنا أن أرباب الحل والعقد لمملكة مسلمة يريدون أن يضعوا دستوراً لمملكتهم فيلجأون إلى الكتاب والسنة وعمل الصحابة ومشاورة الفقهاء، ولا يلتفتون إلى ما يتفوه به أهل أوربا وأمريكا وغيرهما من الذين لا يتبعون الإسلام، لأن الفكرة السنّية النفسية ترشدهم إلى تلك المآخذ والمنابع، وتصدهم عن النظر إلى غيرها، ويصرحون في الدستور بأن مملكتهم هي مملكة إسلامية سنّية قائمة على منهاج الخلافة الراشدة، وغاية وجودها هي إجراء الأحكام الشرعية وحفظها والدعوة إليها ونصرتها، والرقي الديني والدنيوي لأهل الإسلام بحيث تكون دنياهم تابعة لدينهم، ثم أنهم لا يغفلون عن الأغيار الأشرار المجاهرين بعداء الإسلام الداعين إلى النار كالشيعة والمرزائية وغيرهما من أهل الضلالة والنفاق، فإن أرباب الحل والعقد وقواد المسلمين المتفكرين بالفكرة السنّية النفسية لا يغفلون عن مكائد تلك الأشياع الضالة، فيضعون قوانين وضوابط في الدستور التي تسد طرق هذه الأشياع المنافقة على المملكة وطرق غدرهم بها، ويحفظون المملكة عن شرهم.
وأما الذين لا يتفكرون بالمنهاج الإسلامي أي لا يختارون (الفكرة السنّية) فلا يبالون بتلك الأمور المهمة، أو يغفلون عن بعضها، أو يطرحون بعضها قصداً لضعف إيمانهم واعوجاج فهمهم لفقدهم (الفكرة السنّية) فيذوقون وبال أمرهم، ويخسرون في الدنيا والآخرة، يوردون قومهم مورد الهلاك والخسران كما نرى الآن في بعض البلدان الإسلامية فإن أهل السنة بها يبتلون بظلم شديد ومصائب عظيمة وما ذلك إلا لفقدهم (الفكرة السنّية) في حركاتهم السياسية وذهولهم عن الحقيقة أنهم أهل السنة والجماعة وأنهم هم المسلمون، وأن الرافضة ليست من الإسلام في شيء بل هم أعداء الإسلام والمسلمين.