ولقد نوهت من قبل إلى أن معظما آراء المعارضين للترجمة مبنية على فهم خاطئ ألا وهو اعتبار الترجمة قرآناً.. ولم يستطع كثير من المفكرين المسلمين أن يتجاوزوا هذا الشعور. يقول الأستاذ محمد أكبر في مقدمته لترجمة الإمام المودودي للإنجليزية:"ويجب أن ألفت النظر إلى مسألة هامة ذلك أن الاتجاه العام لدى كثير من الناس هو اعتبار الترجمة إلى اللغة الإنجليزية قرآنا وهذا لعمرو الله من الخطأ البين الخطير.. إذ ليست هناك ترجمة مهما بلغت من الجودة يمكن أن تسمو وتبلغ درجة القرآن العظيم"[٢٣] .
إنه ولإزالة هذا اللبس والفهم الخاطئ سمى الإمام المودودي ترجمته للقرآن بالأردية تفهيم القرآن وعند ترجمة ذلك إلى الإنجليزية سميت: (The Meaning of the Quran) أي معاني القرآن. ولنفس السبب سمى الشيخ أبو بكر غومي ترجمته للقرآن إلى لغة الهوسا: معاني للقرآن بلغة هوسا.
وفي الحقيقة فإن القول بأن إعجاز القرآن إنما هو في لفظه فقط تقليل من شأن القرآن وانتقاص من قدره [٢٤] ذلك أن المعنى والموضوع عاملان مهمان بالنسبة لجمال أي عمل.. ورغم أن إعجاز القرآن اللفظي مع غيره كان التحدي المباشر للعرب إلا أن معانيه وأحكامه وقصصه وأهدافه وتعاليمه ونبوءاته كل هذه مع غيرها تكون الإعجاز القرآني وإليك هذه المقتطفات التي تبين أن الإعجاز ليس قاصرا على النظم وحده.
يقول الإمام السيوطي:"اعلم أن المعجزة أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة وهي:
إما حسية وإما عقلية، وأكثر معجزات بني إسرائيل حسية، وأكثر معجزات هذه الأمة عقلية، ولأن هذه الشريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة خصت بالمعجزات العقلية الباقية ليراها ذووا البصائر كما قال صلى الله عليه وسلم: "ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليَّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا". أخرجه البخاري.