وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأداء هذه الرسالة وتبليغ الأمانة. فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}[٣١] . وقال صلى الله عليه وسلم في نهاية وصيته لأصحابه في حجة الوداع:"ألا هل بلغت". قالوا: بلى. قال:"اللهم فاشهد ثلاثا. ليبلغ الشاهد منكم الغائب فرب مبلغ أوعى ممن سمع". كما ينبغي أن يؤدى الواجب وأمر المسلمين أن يحملوا الراية من بعده إلى يوم الدين إذ لا نبي بعده.
وكما يقول الإمام الشاطبي: "وذلك أن العالم وارث النبي صلى الله عليه وسلم فالبيان في حقه لابد منه من حيث هو عالم والدليل على ذلك أمران: أحدهما: ما ثبت من كون العلماء ورثة الأنبياء وهو معنى صحيح ثابت ويلزم من كونه وارثاً قيامه قيام مورثه في البيان وإذا كان البيان فرضاً على المورث لزم أن يكون فرضا على الوارث أيضاً، ولا فرق في البيان بين ما هو مشكل أو مجمل من الأدلة وبين أصول الأدلة في الإتيان بها فأصل التبليغ بيان لحكم الشريعة وبيان المبلغ مثله بعد التبليغ.
والثاني: ما جاء من الأدلة على ذلك بالنسبة إلى العلماء فقد قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} .