فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بوفاة زوجها، خطبها وأرسل إلى النجاشي ملك الحبشة ليزوجه إياها، فلما علمت السيدة أم حبيبة بما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فرحت وسرت سرورا عظيما ووافقت على هذا الزواج، فزوجها النجاشي بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصدقها عنه أربعمائة دينار مع هدايا أخرى ثمينة وبعث بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة فوصلت في سنة سبع من الهجرة إلى المدينة المنورة، وكان عمرها حينئذ سبعاً وثلاثين سنة، ولما علم أبو سفيان بهذا الزواج أقره وقالت:"هو الفحل لا يقدع أنفه". ونرى حكمة بالغة وراء هذا الزواج وهي تأليف قلب أبي سفيان وقومه فصار هذا الزواج سبباً لتخفيف الأذى عن المسلمين في مكة المكرمة وأصبح أكثر ميلا إلى الصلح، فنراه قادما إلى المدينة المنورة لتجديد الصلح ويزور ابنته في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم والابنة تقنعه أنه لا كرامة لأي إنسان إلا بالإسلام وإن كان والدها، فمن الواقع أن أبا سفيان ما جاء غازيا ضد أهل المدينة بعد هذا الزواج.
١٠- السيدة: صفية -رضي الله عنها:
وكانت سيدة بني قريظة وأيضا سيدة بني النضير وهما قبيلتان من اليهود عقدتا صلحاً مع الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين ثم نقضتا العهد غدرا وخيانة. والسيدة صفية ابنة حيي بن أخطب الذي كان سيد بني قريظة ومن ناحية الأم هي ابنة صيمويل الذي كان سيد بني النضير. وكانت السيدة (صفية) قد أسرت بعد مقتل زوجها في غزوة خيبر وروي أنها - رضي الله عنها - لما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:"لم يزل أبوك من أشد اليهود عداوة لي حتى قتله الله". فقالت:"يا رسول الله إن الله يقول في كتابه: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ".