ويعيش المسلمون هذه الفترة من حياتهم على الكثير من الخلافات والصراعات القائمة بينهم وبين أعدائهم من جهة وبينهم وبين أنفسهم من جهة أخرى. ويصعب في الوقت الحاضر التفريق بين الواجهتين الداخلية والخارجية ذلك أن الأعداء نقلوا المعركة من المواجهة العسكرية المكشوفة بعد فشلهم فيها وتحرر بعض البلدان الإسلامية من ربقة الاستعمار، نقلوها في كثير من المواقع إلى مواجهات بين المسلمين أنفسهم من خلال زرع بذور الفتنة والخلافات العنصرية والعصبية والقبلية وأن يتسمى بالمسلمين من ليس منهم فيؤسسون الجمعيات ويقيمون الجماعات كيما يضرب المسلمون رقاب بعض ويستعين بعضهم بأعداء الله لقتال البعض بل لقتال المستقيمين منهم على أمر الله. لقد كان من المقبول في السابق أن تعيش القبيلة على تعدد فصائلها والدولة على شتات أقاليمها واختلاف تضاريسها وخلفياتها أيام الاستعمار. أما الآن فأصبح ذلك من سمات التخلف وصفات الماضي التي يجب أن لا تعود وأضحى من اللازم أن تتفرع القبيلة وتتشتت الأسرة الكبيرة وتتوزع الدولة إلى دويلات كيما تكون دواعي الافتراق أقوى من دواعي الالتقاء وعوامل الاختلاف أكبر من عوامل الائتلاف وليس بخاف على كل مسلم مدرك ما يعايشه المسلمون اليوم من جراء ذلك ولكن بفضل الله ومنته- تولدت بين المسلمين عودة إلى دين الله واستعادة لمنهج الله فبقدر ما لقوا من العناء وما كابدوا من الشقاء عملوا بقوة واندفاع لاستعادة المكانة وإعادة البناء، وفي ظل هذه الظروف وملابساتها كانت الصحوة الإسلامية المعاصرة التي بدأت بيئية وإقليمية بحكم المعايشة للظروف المحلية ثم انتقلت إلى صيغة الشمول والعالمية بحكم ما جد في العلاقات والاتصالات والمصالح والروابط الدولية، لقد حققت الدعوة الإسلامية في العصر الحديث جانبا هاما في سبيل التضامن الإسلامي وتحقيق وحدة المسلمين، ولكن ما يخشى هو ألا تستمر الجماعات والجمعيات الإسلامية في أداء هذا الدور