إن هذه الصحوة في معظم دوافعها ومقاصدها قد ارتبطت بمواجهة التخلف من جهة ومقاومة الاستعمار من جهة أخرى ولذا فقد اتسمت بالاندفاع الشديد المرتبط بالقوة العسكرية من جانب والاندفاع الفكري والجدلي من جانب آخر وهي أمور فرضتها الظروف وقد حققت تلك الأمور الكثير مما نتج عنه هذه الصحوة الإسلامية التي تعم ليس فقط أرجاء العالم الإسلامي بل العالم أجمع. وإذا كان ذلك أمر تطلبه وضع الدفاع فإن الأمر يحتاج اليوم إلى إعادة النظر في الأمور من أجل ترميم المواقع وترتيب الصفوف والاستعداد للمرحلة القادمة.
لقد كان من نتائج هذه الصحوة عودة الأذان إلى منابر الأندلس في الغرب وإلى منائر الصين في الشرق وإلى مواقعه القديمة في عمق العالم الإسلامي التي اسكت فيها فترة من الزمن كما امتد الأذان إلى مآذن جديدة في مواقع جديدة في أوربا وأمريكا واستراليا وأفريقيا وآسيا ولكن السؤال المطروح هو هل متطلبات ودوافع العمل الإسلامي في المستقبل هي نفس متطلبات ودوافع ذلك العمل في الماضي؟
ولن تكون الإجابة على هذا السؤال متطابقة نتيجة للظروف التي يعايشها المسلمون وهي ظروف متعددة ومتغايرة، ومع أن هذا التعدد والتغاير يكون في كثير من الأحيان مجالا للخلاف في الرأي والتباين في وجهات النظر إلا أنه ينبغي ألا يخرج إلى حد نقل المعركة من المسلمين وأعدائهم إلى ما بين المسلمين أنفسهم.