وعلى ضوء هذه المتطلبات والمقاييس يجب وضع الضوابط الخاصة بطبيعة العمل وطريقة التحرك لمواجهة الظروف المكانية والمصالح الزمنية والتحديات الحضارية المعاصرة وهي أمور بلا شك تختلف في عدة جوانب عن الظروف والمصالح والتحديات التي دعت إلى نشأة بعض الحركات الإسلامية وحددت منهج العمل فيها. لقد انتقل التحدي الاستعماري من العمل العسكري إلى العمل الفكري، كما انتقلت المواجهة من الشخصية الأجنبية إلى الشخصية الوطنية وذلك في معظم المواقع. لقد ارتحل الاستعمار بعساكره من بعض البلدان لكن قوافل الصليب ومناجل الإلحاد قد تكالبت على نشر الفساد في البلاد والكفر بين العباد، ومن جهة أخرى فإن الاستقرار الذي تم في بعض البلاد الإسلامية وتطلعها إلى تحكيم شرع الله يتطلب توفير الأسس والتطورات والأساليب والإجراءات الخاصة بتطبيق تحكيم الشريعة في تلك البلدان في كافة الشؤون الاقتصادية والسياسية والتربوية والفكرية ويجب ألا يكون العاملون في مجال الدعوة إلى الله في غيبة عن هذه المواقع لأنها المحك العملي والممارسة الفعلية لتطبيق الشريعة الإسلامية في بلاد المسلمين.
أمل ورجاء:
ومن هذا التصور أتطلع إلى أن يلتقي العاملون في مجال الدعوة إلى الله وأن تكون هذه المقاييس والمتطلبات ضابطاً للجميع فيما يقولون ويعملون وأن تكون عونهم فيما يواجهون.
وما مناسبة انعقاد المؤتمر العالمي الثاني لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاة في رحاب الجامعة الإسلامية إلا إحدى الظروف المناسبة لمناقشة مثل هذه الأمور ودراستها والتفكير فيما يمكن أن يعمل من أجلها وأسأل الله سبحانه على ألا يقتصر هذا الاجتماع على إضافة اضبارة إلى خزانة الأوراق أو كسب ورقة في مجال الدعاية والاستهلاك والله سبحانه وتعالى هو المسئول أن ينشر دينه وأن يعلي كلمته وأن يوفق عباده إلى الخير والسداد والهدى والرشاد إنه ولي ذلك والقادر عليه.