ومن ذلك الدعوة إلى الوطنية. وكان من سوء نتائجها على الشعب البريطاني صاحب المدنية والحضارة حينما طرد عيدى أمين جميع الرعايا البريطانيين من بلده امتنع الشعب البريطاني في بريطانيا أن يقبلهم بدعوى أنهم استوطنوا غير وطنهم. إلى غير ذلك مما شهده العالم أخيرا.
وكل تلك الدعوات مع خطورتها فإنها محدودة الأفق محصورة الموطن مهزوزة المرتكزات لم تلبث أن تنهار فتنهدم بأصحابها.
وبعض تلك الدعوات قد تأباها فطر البشر فتفرض عليهم بقوة السلطة كالاشتراكية والتمييز العنصري، فتسلب الفرد أخص خصائص الإنسانية وهي حرية الاختيار، وتعطيل الإرادة وإهدار الكرامة.
أما دعوه التضامن الإسلامي والوحدة الإسلامية:
فهي دعوة تتفق تماما مع فطرة الإنسان التي فطره الله عليها وتساير طبيعته كل المسايرة وتتجاوب مع جبلته إلى أعماق نفسه.
ولهذا فلقد لمست شفاف القلوب واستجابت معها العواطف. فبرزت بين تلك الدعوات العديدة وكتب لها البقاء وقوبلت بقبول حسن لأنها ارتكزت على مرتكزات أصيلة وعميقة وعملية واقعية لم تخرج عن طبيعة الإنسان ولم تغاير عقيدته الإسلامية ولم تصطدم مع واقع حياته التي يحياها في هذا العالم. وهذا هو الإطار الكلي للفرد المسلم وللمجتمع الإسلامي.
وتتلخص تلك المرتكزات في نظري في ثلاثة أمور:-
(١) سنة الحياة وتكوين الإنسان.
(٢) منهج التشريع الإسلامي جملة وتفصيلا.
(٣) الواقع السياسي والوضع الاجتماعي الذي نعيشه مع العالم حولنا ...
ولكل مرتكز من هذه المرتكزات معطياتها، وفعاليتها لو تأملها كل عاقل ومسلم لما حاد عنها ولبادر إلى الانتماء إليها ولعرف أنها هي السبيل الوحيد التي تحقق له كل ما يتطلع إليه من استرجاع حقوقه المسلوبة والحاقه بأمجاد أسلافه.
وسنحاول بعون الله تعالى وتوفيقه بيان كل مرتكز من هذه الثلاثة ومدى عطائه لدعوة التضامن والوحدة ...