إن الثروة والموارد الاقتصادية لا بد منها في الإنشاء والتعمير اللذين هما ثمرة من ثمار العقيدة. ولكن الله يرد أن يهيمن الدين على القوى المادية وأن يسخرها فيما ينفع الناس ويأبى أن يعلو الشغف بالثروة على حب الله والرسول ويغضب أن يتخذ الدين مطية استغلال يصرفه أصحاب المصالح الخاصة فيما يعود عليهم بنفع شخصي. ولعل هذا يفسر لنا حكمة الله في اختيار الأنبياء والقادة من غير ذوي الثروات الذين يرفعون المصلحة الخاصة على العقيدة والمصلحة العامة وينفصلون عن الأمة في قضيتها الكبرى. ولهذا قال نبي بني إسرائيل لأغنيناهم:{هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا}[٣] وكان منهم ما توقعه إذ اعترضوا على ملكية طالوت ولم يعرهم الله اهتمامه فنصر عبده طالوت من غير مدد فيهم ومن غير ثرواتهم. وإن بعضهم ليحارب النبي المختار حفاظاً على مصلحته أو مصلحة عشيرته وهل يسفر موقف أبي سفيان قبل الفتح، وموقف أبي جهل بغير هذا؟.