وآخر ما يكون ما حدث في المنطقة من قيام مجلس تعاون دول الخليج دفع قيامه واقع العالم السياسي وحاجة دول المنطقة إلى التعاون الأخوي وقد شمل عدة مجالات عامة اقتصاديا وسياسيا وأمنيا وثقافيا وإعلاميا. فهو أصدق صورة لما نرجوه للعالم الإسلامي من التضامن والوحدة.
ومع هذا كله فان هذه المؤسسات الدولية على اختلاف مناهجها وأشكالها فهي إما إقليمية محدودة وإما عالمية غير عادلة.
أما التضامن الإسلامي فليس هو بالتضامن المادي النفعي وإنما هو تضامن أخوي عاطفي إنساني ديني دعَا إليه الإسلام والتزم المسلمون بمضمونه ولا غنى لهم عنه.
"المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يظلمه ولا يسلمه، المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا، لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه لما".
وتحت هذا الشعار واستجابة لهذا النداء:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} يدعوا دعاة التضامن بكل قوة ووضوح.
وحدة الأمة:
إن الوحدة والتضامن متلازمان ويلزم من وجود كل منهما وجود الآخر لأن الأمة المتحدة المتضامنة، والأمة المتضامنة، متحدة، وهذا من خصائص الإسلام ونتائج منهجه وتشريعه.
ووحدة الأمة في نظر الإسلام وتعاليمه ترتكز على مرتكزين رئيسين:
(١) وحدة الجنس.
(٢) وحدة العقيدة.
ومن ورائهما عناية الله وإنعامه على عباده وامتنانه.
(١) أما وحدة الجنس ففي إرجاعهم إلى أبيهم آدم عليه السلام وأمهم حواء: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} ومن وراء هذا التعارف إخاء وتراحم: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وقد صور الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ معنى وحدة الجنس فقال في أبيات له: