للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكنموذج لهذه الأخلاق الإسلامية، وتطبيق لأهمية القدوة والعمل بالأخلاق الإسلامية في الدعوة الإسلامية، أورد فيما يلي من خلال هذا البحث المتعلق بفتح القدس، وصفاً لسلوك عمر بن الخطاب رضي الله عنه والمسلمون عامة، مما كان له أطيب الأثر في نفوس النصارى. ودفعهم إلى المطالبة بأن يكون الخليفة نفسه المتولي لاستلام مدينتهم. وزاد في ثقتهم في عدله وعدل المسلمين، ما رأوه وجربوه من أخلاقه وأخلاق أصحابه، فأعجبوا بهذا الدين الجديد الذي استطاع تحويل هؤلاء العرب إلى الدين بعد القسوة، والقناعة بعد الطمع، والوحدة بعد الفرقة، وحفظ العهد ورعاية الذمة بعد الغزو والنهب. فدفع ذلك معظم أهل الشام ومنهم أهل القدس إلى الإقبال على الدخول في الإسلام خلال سنوات ليست بالطويلة.

أهمية القدس لدى المسلمين:

للقدس مكانة خاصة لدى المسلمين، لا تقل عن مكانتها لدى أصحاب الديانات السماوية الأخرى، فهي أولى القبلتين، وثالث المسجدين الشريفين اللذين تشد إليهما الرحال، وإليها أسرى بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ومنها عرج به إلى السماء، وفيها صلى بالملائكة.

وقد نص القرآن الكريم على أنها مباركة، باركها رب العالمين هي وما حولها وذلك في الآية الأولى من سورة الإسراء: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} . هذا بالإضافة إلى ما ذكره المفسرون في تفسير بعض آيات القرآن الكريم وما حوته من إشارات إلى مكانة القدس في الإسلام.