فالرأي العام مدعو هنا للتوجيه وإصلاح الخطأ وإنقاذ نفسه مع إنقاذ المرتكبين للخطأ، إن الحديث الشريف يحذر الجماعة من شعور (اللامبالاة) وعدم الاهتمام بقضايا الجماعة العامة بحجة أن الذين يرتكبون الفساد قوم غيرهم.
(٣) والمسلم.. مدعو للجهاد والتضحية في سبيل نصرة أحكام الشريعة إذا انتهك حرمتها حاكم ظالم. عن جابر- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه، فقتله"[٨] .
إن الجمع بين حمزة بن عبد المطلب- رضي الله عنه- الذي أبلى بلاء حسناً في قتال المشركين والتنكيل بهم حتى قضى شهيداً في غزوة أحد، وبين من جهر بكلمة الحق في وجه إمام ظالم، يصلنا بطبيعة المعركة التي خاضها حمزة- رضي الله عنه- في وجه الجاهلية وظلمها، ويخوضها إخوان حمزة في طريق العمل لاستئناف الدولة الإسلامية، أو في مواجهة محاولات الظالمين لإبعاد أحكام الشريعة عن التطبيق بالتدريج وبالوسائل المختلفة. إن ظهور أمثال هؤلاء الرجال في ساحات المجتمع الإسلامي ومواجهة أعداء الشريعة من شأنه إلهاب مشاعر الجماهير المسلمة وإضاءة الطريق أمام الرأي العام ليقول كلمته ويتحمل مسؤوليته.
(٤) إن دعوة الرأي العام في المجتمع المسلم ليقف في وجه الانحراف والفساد ومحاولات الخداع والتمويه تظهر صريحة في حديث النبي الكريم: عن ابن مسعود- رضي الله عنه- أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون، وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون، ويفعلون مالا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدمم بقلبه فهو مؤمن، ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل "[٩] .