{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً} . (النساء: ١٤٠) إن المسلم مدعو إذا لم يستطع أن يغير المنكر بيده ولسانه، أن يغيره بقلبه والتغيير بالقلب ليس حركة انفعالية نفسية ولا تظهر أثراً إيجابياً في إزالة المنكر، بل هي حركة انفعالية نفسية عملية تساعد على التغيير بالانسحاب من مجلس يعصى فيه الله، وهذا ما عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث له:"من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".
إن كلمة:"فبلسانه"و "فبقلبه"متعلقتان بالفعل فليغيره، والتقدير: فليغيره بيده، أو فليغيره بلسانه أو فليغيره بقلبه ... ولا يكون بالقلب تغيير إلا بحركة هي أضعف الحركات وأقلها بعد اليد واللسان هي حركة الانسحاب من مجالس المنكرات ومقاطعتها
الرأي العام ودوره في مقاطعة من عصى:
والرأي العام في الإسلام حين يخاصم ويقاطع هدفه الإصلاح والعلاج، لا التشهير والهدم، وهذا ما يميزه عن المجتمعات المادية، فالثلاثة الذين خلفوا عن الجهاد بغير عذر وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم الأمة بمقاطعتهم واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاح الرأي العام هذا وسيلة صالحة لإبرار أثر التخلف عن الجهاد على الأمة، وقيام الأمة جميعها بواجب المقاطعة، حتى أقارب المقاطع وزوجه يقاطعونه.
حتى إذا حققت المقاطعة ثمرتها التربوية للمتخلفين خاصة، وللأمة عامة نزل الحكم من السماء بإنهاء المقاطعة والتوبة على الذين تخلفوا وتابوا وأنابوا.