كان الناس في أصل وجودهم على هذه الأرض أمّة واحدة تنحدر من نسب واحد، وكانوا على الإسلام دين أبيهم آدم- عليه السلام- فاختلفوا على هذا الدين وتفرقّوا فبعث الله النبيين علَيهم السلام ليبينّوا للناس الطريق المستقيم الموصل إلى رضا الله تعالى مبشرين من اتبعه بالسعادة ومنذرين من حاد عنه بالشقاء، قال تعالى:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيه} . (البقرة: ٢١٣) .
قال ابن عباس- رضى الله عنهما: كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهّم على شريعة من الحق فاختلفوا فبعث الله النبيّين مبشرين ومنذرين، قال: هي في قراءة عبد الله: "كان الناس أمّة واحدة فاختلفوا"[١] .
فالله سبحانه أراد للبشر أن يكونوا أمّة واحدة كلهّم على الهدى ولكنهم اختلفوا فتفرقوا.
ولو تذكر الناس دائماً أن أباهم واحد وأمهم واحدة لكان ذلك دافعا لهم إلى الاجتماع والتآلف، ولذلك ذكّرهم الله تعالى بهذا حيث يقول:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} . (الحجرات: ١٣) .
فالله جل وعلا قسمهم إلى شعوب وقبائل ليعرف بعضهم بعضا فيتواصلوا لما بينهم من الرحم لا ليفتخروا بأنسابهم ويختلفوا، ولذلك قال تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} .