سأل رجل من بني أسد بن خزيمة أبا أيوب الأنصاري، فقال: يصلى أحدنا في منزله الصلاة، ثم يأتي المسجد، وتقام الصلاة، فأصلي معهم، فأجد في نفسي من ذلك شيئا. فقال أبو أيوب: سألنا عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فذلك له سهم جمع. رواه أبو داود مرفوعا، ومالك موقوفا، والبيهقي بوجهين [١٣] ، قال المنذري: فيه رجل مجهول.
وهو الصواب فإني لم أجد من سمى هذا الرجل من بني أسد بن خزيمة. قوله: سهم جمع: أي يضعف له الأجر فيكون له سهمان منه قاله ابن وهب وقال غيره: جمع هنا أي الجيش كقوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} . قال بن عبد البر: أي له أجر الغازي في سبيل الله. والأول أشبه بالصواب. وقد أوصى المنذر بن الزبير لفلان كذا، ولفلان كذا، ولفلان سهم جمع، فسئل عن ذلك فقال: نصيب رجلين.
هذه الأحاديث تدل علي جواز إعادة الصلاة بالجماعة لمن صلاها في منزله منفردا. وهو أمر متفق لدى جمهور العلماء على سبيل الاختيار والإيثار لإدراك فضيلة الجماعة.
وقد خالفه في ذلك بعض من لا يعتد بقولهم. وكانت حجتهم حديث ابن عمر مرفوعا "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين ".
رواه أبو داود، والنسائي، وأحمد، والدارقطني، وابن حبان، وبن أبي شيبة [١٤] . كلهم بطرق عن عمرو بن شعيب، عن سليمان بن يسار مولى ميمونة. وسياق الحديث: يقول سليمان، أتيت علي ابن عمر وهو بالبلاط، والقوم يصلون في المسجد، قلت ما يمنعك أن تصلي مع الناس، أو القوم؟. قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين ".
قال المنذري: وفي إسناده عمرو بن شعيب، وقد تقدم الكلام عليه، وهو محمول على صلاة الاختيار، دون ماله سبب، كالرجل يصلي ثم يدرك جماعة فيصلي معهم. وقد كان صلى ليدرك فضيلة الجماعة، جمعا بين الأحاديث.