للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول الأول: أن الأولى هي المكتوبة. وبه قال الجمهور من الفقهاء وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد، وأظهر القولين عند الشافعي كما نص على ذلك الإمام النووي في روضة الطالبين [٣٨] وشرح المهذب [٣٩] وشرح مسلم [٤٠] وذكر أقوال العلماء الشَافعية في هذه المسألة عند شرحه لحديث أبي ذر في صحيح مسلم [٤١] فبلغت أربعة وهي: أن الفرض هي الأولى للحديث ولأن الخطاب سقط بها، والثاني: أن الفرض أكملها، والثالث كلاهما فرض، والرابع الفرض أحدهما علي الإيهام، يحتسب الله تعالى بأيهما شاء وأما الحنفية فلا خلاف عندهم في فرضية الأولى ولذا وقع الخلاف في إعادة صلاتي العصر والفجر لأجل النهي عن التطوع بعدهما.

واستدل هؤلاء بالأحاديث التي مر ذكرها وهي حديث أبي ذر، وأبي مسعود، ويزيد ابن الأسود، ومحجن الدئلي وغيرها. لأنه وقع التصريح في هذه الأحاديث بأن الثانية تكون نافلة.

قال ابن قدامة: ولأن الأولى وقعت فريضة، وأسقطت الفرض، بدليل أنها لا تجب ثانيا، وإذا برئت الذمة بالأولى، استحال كون الثانية فريضة، وجعل الأولى نافلة. قال حماد، وقال إبراهيم: إذا نوى الرجل صلاة، وكتبتها الملائكة فمن يستطيع أن يحولها فما صلى بعدها فهو تطوع [٤٢] .

القول الثاني: الثانية هي مكتوبة، إذا صلى الأولي فرادي. وهو قول الشافعي في القديم. واستدل له بحديث يزيد بن عامر الذي وقع فيه التصريح بأن الثانية مكتوبة.

يجاب عن هذا بان حديث يزيد بن عامر ضعيف وسبق بيان ذلك والشيخ الألباني صحح هذا الحديث في حاشية المشكاة [٤٣] مع وجود رجل مستور فيه، وهو نوح بن صعصعة. وحديث يزيد بن الأسود أولى منه وأثبت.