إن هذا التشريع الذي يحقق السعادة في الدارين لمن آمن به وعمل بمقتضاه يمتاز بمزايا عديدة وخصائص فريدة. ولعل أبرز خصائصه ومميزاته أنه من عند الله سبحانه، وما كان من عند الله فلابد أن يتصف بكل صفات الكمال ولابد أن يبرأ من كل صفات النقص، يقول جل ذكره في معرض حديثه عن القرآن الكريم الذي يعتبر أحد المصدرين الأساسيين للتشريع الإسلامي:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} . (النساء:٨١) . ويقول سبحانه:{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُه} . (هود: ١) .
ويقول عز ذكره:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} . (الإسراء: ٩) . ومن هنا نستطيع أن نشير إلى بعض المميزات، فمنها:-
الأولى: شمول التشريع الإسلامي لجميع شئون الحياة وإحاطته بها:
لقد أنزل الله سبحانه هذه الشَريعة وجعلها منهاجاً لهذه الأمة وطريقاً تسلكها في جميع شئونها. فهذه الشريعة شاملة لجميع شئون الحياة ومرافقها، فانتظمتها جميعاً بأحكامها العادلة وتوجيهاتها الحكيمة.
وعندما ننظر في أحكام الشريعة وموقفها من شئون الناس وأحوالهم نجدها على ثلاث أضرب:-
الضرب الأول: من شئون الناس والحياة، أمرت به الشريعة ودعت إليه، وقد يكون هذا الأمر على وجه الإلزام أو على غير وجه الإلزام.
الضرب الثاني: من شئون الناس والحياة نهي عنه الشارع وحذر منه، وقد يكون، هذا النهي كذلك على وجه الإلزام أو على غير وجه الإلزام.
الضرب الثالث: ما سكت عنه الشارع، وهذا السكوت ليس عن غفلة ولا نسيان، وإنما بقصد التخفيف، ويوضح ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحدد حدوداً فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها". رواه الدارقطني.
ونحن نستدل لعموم الشريعة وشمولها جميع شئون الحياة بدليلين: