للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولذا نرى أول نداء يوجهه الله لرسله هو الأمر بعبادته، وبيان أنه لا إله غيره، ولا رب سواه، اقرأ مثلا: قوله تعالى: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} .

هذه العبادة لله وحده هي العهد القديم الذي أخذه الله على بني الإنسان، ورسخه في فطرهم البشرية، وغرسه في طبائعهم الأصيلة، منذ خلقهم، وصورهم، وجعلهم في أحسن تقويم، وأوجد فيهم العقل الواعي، الذي يتميزون به على سائر الكائنات، وجعل كل ما حولهم من الآيات البينات دليلاً قاطعاً على وحدانيته سبحانه، وإفراده بكامل العبودية، وأخذ العهد عليهم حيث قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} .

ومن هنا نعلم أن كل عبادة لغير الله، وإن ظهرت في صورة عبادة حجر، أو شجر، أو مدر، أو هوى، إنما هو من إيحاء الشيطان، وتزيينه، ووسوسته بشكل مباشر أو غير مباشر، بغض النظر عن القالب الذي ظهرت فيه تلك العبادة، ولذا نرى أنَّ الله تبارك وتعالى قد أخذ العهد على بني آدم منذ أن كانوا في صلب أبيهم آدم.

هذا العهد بين الله وعباده، هو الذي صوره القرآن في أروع صورة، وبلاغة، حين قال: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} .