للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسماه الله صدقة لأن بذل المال لله، وابتغاء مرضاته، دليل الإيمان وآية اليقين، وأمارة التصديق، قال عليه الصلاة والسلام:" ... والصدقة برهان" [٢٣] .

والصدقات في الإسلام تقوم بوظائف شتى لذلك كان القرآن الحكيم حريصا على بيان مصاريفها بيانا قاطعا قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ] التوبة: ٦٠ [.

والمتأمل في هذا النص الكريم يرى ما ينطوي عليه نظام الصدقة من تكافل اجتماعي بين أبناء المجتمع الإسلامي، بمواساة الغني للفقير والمسكين، ومراعاة المجتمع للذين يتفرغون لشئون المجتَمع، وإعانتهم على القيام بما ندبوا إليه من ذلك خير قيام، ثم إعطاء المؤلفة قلوبهم وهم الذين دخلوا في الدين ولم يتمكن من نفوسهم التمكن الكامل، ثم يعطى المكاتبون لاستخلاص رقابهم، وشراء حريتهم، وفي هذا دليل على أن الإسلام توّاق إلى الحرية، معين عليها، مرغب في منحها، وهذا ملحظ سياسي واجتماعي عظيم، ثم من أحاطت به المكاره والديون، جعل الله له في ذلك المال نصيبا، يسدد به دَيْنه، ويستأنف به حياته، أما ابن السبيل وهو المسافر الذي نفد ماله أوضاع فينبغي أن يعان من الزكاة حتى يبلغ أهله، فإنه في هذه الحالة أخو الفقير والمسكين، وإن كان في بلده غنيا، والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه، أما الإنفاق في سبيل الله فهو قمة الإنفاق يقول عليه الصلاة والسلام:"من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا" ١.

إن الصدقات شرعت إذن سدا لحاجات الفقراء والمساكين، وتفريجا لكرب المحتاجين، وتثبيتا للإيمان في القلوب، وتحريرا للرقاب من ذل الرق، وإعزازا لدين الله، والدفاع عن حرمات الإسلام.