للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

· قوله تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} ، يتوهم منه الجاهل أن إنذاره صلى الله عليه وسلم مخصوص بأم القرى وما يقرب منها دون الأقطار النائية عنها لقوله تعالى: {وَمَنْ حَوْلَهَا} , ونظيره قوله تعالى في سورة الشورى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ} . وقد جاءت آيات أخر تصرّح بعموم إنذاره صلى الله عليه وسلم لجميع الناس كقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} ، وقوله تعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} ، وقوله: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} ، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنَّاس} ، والجواب من وجهين:

الأول: أن المراد بقوله: {وَمَنْ حَوْلَهَا} شامل لجميع الأرض كما رواه ابن جرير وغيره عن ابن عباس.

الوجه الثاني: أنا لو سلمنا تسليما جدليا أن قوله: {وَمَنْ حَوْلَهَا} لا يتناول إلا القريب من مكة المكرمة - حرسها الله - كجزيرة العرب مثلا فإن الآيات الأخر نصت على العموم كقوله: {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً} وذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصصه عند عامة العلماء ولم يخالف فيه إلا أبو ثور, وقد قدمنا ذلك واضحا بأدلته في سورة المائدة، فالآية على هذا القول كقوله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} , فإنه لا يدل على عدم إنذار غيرهم كما هو واضح والعلم عند الله تعالى.