والجواب أن يقال: الفرق المخالفة لأهل السنة متفاوتون في أخطائهم فليس الأشاعرة في خطئهم كالخوارج والمعتزلة والجهمية بلا شك ولكن ذلك لا يمنع من بيان خطأ الأشاعرة فيما أخطأوا فيه ومخالفتهم لأهل السنة في ذلك كما قد بيّن خطأهم غيرهم لإظهار الحق وبيان بطلان ما يخالفه تبليغاً عن الله سبحانه وعن رسوله صلى الله عليه وسلم وحذراً من الوعيد المذكور في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ إِلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} . ثم يقال ليس الأسلم تفويض الأمر في الصفات إلى علاّم الغيوب لأنه سبحانه بيّنها لعباده وأوضحها في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم ولم يبيّن كيفيتها, فالواجب تفويض علم الكيفية لا علم المعاني, وليس التفويض مذهب السلف بل هو مذهب مبتدع مخالف لما عليه السلف الصالح. وقد أنكر الإمام أحمد رحمه الله وغيره من أئمة السلف على أهل التفويض، وبدّعوهم؛ لأن مقتضى مذهبهم أن الله سبحانه خاطب عباده بما لا يفهمون معناه ولا يعقلون مراده منه, والله سبحانه وتعالى يتقدس عن ذلك, وأهل السنة والجماعة يعرفون مراده سبحانه بكلامه ويصفونه بمقتضى أسمائه وصفاته وينزهونه عن كل مالا يليق به عز وجل. وقد علموا من كلامه سبحانه ومن كلام رسوله صلى الله عليه وسلم أنه سبحانه موصوف بالكمال المطلق في جميع ما أخبر به عن نفسه أو أخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم, وأنا أذكر بعض النقول المهمة عن السلف الصالح في هذا الباب ليتضح للقاريء صحة ما ذكرنا.