والجواب: أن هذا التقسيم باطل كما تقدم وليس للسلف إلا مذهب واحد وهو مذهب أهل السنة والجماعة وهم الصحابة رضي الله عنهم, وأتباعهم بإحسان, وهو الأسلم والأعلم والأحكم، أما المذهب الثاني فهو مذهب الخلف المذموم, وهو مذهب أهل التأويل والتحريض والتكلف, ولا يلزم من ذم مذهب الخلف والتحذير منه القول بتكفيرهم؛ فإن التفكير له حكم آخر يبنى على معرفة قول الشخص وما لديه من الباطل ومدى مخالفته للحق فلاَ يجوز أن يقال إنه يلزم من ذم مذهب الخلف أو الإنكَار على الأشاعرة ما وقعوا فيه من تأويل الصفات وتحريفها إلا صفات قليلة استثنوها القول بتكفيرهم, وإنما المقصود بيان مخالفتهم لأهل السنة في ذلك وبطلان ما ذهب إليه الخلف من التأويل وبيان أن الصواب هو مذهب السلف الصالح وهم أهل السنة والجماعة في إمرار آيات الصفات وأحاديثها وإثبات ما دلت عليه من الأسماء والصفات على الوجه اللائق بالله سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل ولا تكييف ولا تمثيل كما سبق ذكر ذاك غير مرة والله المستعان. ثم ذكر كلام البيهقي هنا وقد تقدم ما فيه وأنه رحمه الله دخلت عليه ألفاظ من ألفاظ أهل البدع فراجت عليه وظنها صوابا فأدخلها في كتابه وهو من جملة الذين خاضوا في الكلام وعلق باعتقاده بعض ما فيه من الشر سامحه الله وعفى عنه, كما نبه على ما يدل على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ج ٦ ص ٥٣.
١٣- ثم قال الصابوني في مقاله الثالث ما نصه:"ولا يظن أحد أننا نفضل مذهب الخلف على مذهب السلف ولسنا على الرأي الذي يقوله علماء الكلام: "مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أحكم", بل نقول عن إيمان ويقين: "إن مذهب السلف هو الأسلم وهو الأحكم فلا نحاول أن نؤول صفات الخالق جل وعلا, بل نؤمن بها كما جاء, ونقربها كما وردت مع نفي التشبيه والتجسيم".