الآية ١٤٢) , فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا فينصرفون إليهم وقد ضرب بينهم بسور له باب {بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} الآية. يقول سليم بن عامر:"فما يزال المنافق مغترّاً حتى يقسم النور ويميّز الله بين المنافق والمؤمن ثم قال: حدثنا أبي حدثنا يحي بن عثمان حدثنا ابن حيوة حدثنا أرطاة بن المنذر حدثنا يوسف بن الحجاج عن أبي أمامة قال: "يبعث الله ظلمة يوم القيامة فما من مؤمن ولا كافر يرى كفّه حتى يبعث الله بالنور إلى المؤمنين بقدر أعمالهم فيتبعهم المنافقون فيقولون: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}", وقال العوفي والضحاك وغيرهما عن ابن عباس: "بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نوراً فلما رأى المؤمنون النور توجّهوا نحوه وكان النور دليلا من الله إلى الجنة فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا اتّبعوهم فأظلم الله على المنافقين فقالوا حينئذ: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} فإنا كنا معكم في الدنيا قال المؤمنون: "ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا هنالك النور". انتهى ما ذكره الحافظ ابن كثير.
وبما ذكرناه عن ابن جرير وابن كثير رحمة الله عليهما يتضح للقارئ أن المكر والسخرية بالكافرين والخداع والاستهزاء بالمنافقين والكيد منه سبحانه لأعدائه كله على بابه ولا يحتاج إلى تأويل بل هو حق من الله وعدل وجزاء لهم من جنس عملهم يليق به سبحانه وليس يماثل ما وقع من أعدائه لأن صفة الله سبحانه وأفعاله تليق به وكلها حق وعدل ولا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وإنما يعلم العباد من ذلك ما أخبرهم به عز وجل في كتابه الكريم أو على لسان رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.