للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الذي دلّ عليه الحديث قد جاء في معناه أحاديث أخرى صحيحة والقول بمعناه هو قول أهل السنة والجماعة فإن أهل السنة يعتقدون أنّ من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله والتزم بمعناه ولم يأت بناقض من نواقض الإسلام فإنه يجب الكف عنه وحسابه على الله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل". ومن عقيدة أهل السنة أن المسلم لا يكفر بذنب من الذنوب التي دون الشرك ولا يخرج من الإسلام بعمل من الأعمال التي لا تلحقه بالمشركين, خلافا للخوارج لقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء} (النساء: من الآية ٤٨) , وكان الأخ الصابوني ذكر هذا الحديث ليستدلّ به على وجوب الكف عن الكلام في الأشاعرة وبيان ما أخطأوا فيه, وهكذا ما أخطأ فيه غيرهم من الفرق الإسلامية وليس الأمر كما زعم فإن الحديث المذكور لو صح لا يدل على شرعية الكف عن من خالف الحق كما أنه لا يدل على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان ما أخطأ فيه المخطئون وغلط فيه الغالطون من الأشاعرة وغيرهم, بل الأدلة من الكتاب والسنة الصحيحة كلها تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإنكار على من خالف الحق وإرشاده إلى طريق الصواب حتى يهلك من هلك عن بينة ويحيي من حيّ عن بينة كما بينا ذلك فيما سبق, وإنما المقصود من الحديث - لو صح -: الكف عن قتال من أظهر الإسلام وتكلم بكلمة التوحيد حتى ينظر في أمره بعد ذلك ويعامل بما يستحق حسب الأدلة الشرعية كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة التي أشرنا إليها آنفا. والله سبحانه ولي التوفيق