وليكن معلوما أن هذا الرد الموعود ليس مقصودا به الصابوني ولا غيره من الأشخاص, فالمسألة أكبر من ذلك وأخطر، إنها مسألة مذهب بدعي له وجوده الواقعي الضخم في الفكر الإسلامي حيث تمتلئ به كثير من كتب التفسير وشروح الحديث وكتب اللغة والبلاغة والأصول فضلا عن كتب العقائد والفكر، كما أن له جامعاته الكبرى ومعاهده المنتشرة في أكثر بلاد الإسلام من الفلبين إلى السنغال.
وقد ظهرت في الآونة الأخيرة محاولات ضخمة متواصلة لترميمه وتحديثه تشرف عليها هيئات رسمية كبرى ويغذوها المستشرقون بما ينبشونه من تراثه ويخرجون من مخطوطاته.
ولهذا وجب على كل قادر أن يبين لأمته الحق وينصح لها مهما لقي, فإنّ مما كان يبايع عليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه النصح لكل مسلم وأن يقولوا الحق لا تأخذهم فيه لومة لائم.
أما فضيلة الشيخ الفوزان فقد أحسن إلى (المجتمع) وقرَّائها بتلك المقالة القيمة، فقد عرض فيها - على قصرها - حقائق أصولية مركزة في أسلوب علمي رصين.
وله العذر كل العذر؛ إذا لم يستوف الرد على الصابوني وبيان التناقضات التي هي سمة من سمات المنهج الأشعري نفسه؛ لأن الموضوع أكبر من أن تحيط به مقالة صحفية.
ولهذا رأيت من واجبي أن أضيف إلى ما كتبه فضيلته مستدركاً مالا يجوز تأجيله إلى ظهور الرد المتكامل:-
أولا: فات فضيلته أن يرد على الصابوني فيما عزاه إلى شيخ الإسلام - مكرراً إياه - من قوله:"الأشعرية أنصار أصول الدين, والعلماء أنصار فروع الدين ".
ولعل الشيخ وثق في نقل الصابوني, مع أن الصابوني - على ما أرجح - أول من يعلم بطلان نسبة هذا الكلام لشيخ الإسلام ابن تيمية، ولغة العبارة نفسها ليست من أسلوب شيخ الإسلام، والغريب حقاً أنه أعاد هذا العزو في بيانه الأخير بالعدد ٦٤٦ مؤكداً إصراره على التمويه والتدليس.