التوحيد عند أهل السنة والجماعة معروف بأقسامه الثلاثة, وهو عندهم أول واجب على المكلف، أما الأشاعرة قدماؤهم ومعاصروهم, فالتوحيد عندهم هو نفي التثنية أو التعدد ونفي التبعيض والتركيب والتجزئة أي حسب تعبيرهم "نفي الكمية المتصلة والكمية المنفصلة", ومن هذا المعنى فسروا الإله بأنه: الخالق أو القادر على الاختراع, وأنكروا بعض الصفات كالوجه واليد والعين؛ لأنها تدل على التركيب والأجزاء عندهم.
أما التوحيد الحقيقي ولا يقابله من الشرك ومعرفته والتحذير منه فلا ذكر لها في كتب عقيدتهم إطلاقا ولا أدري أين يضعونه أفي كتب الفروع؟ فليس فيها, أم يتركونه بالمرة؟ فهذا الذي أجزم به.
أما أول واجب عند الأشاعرة فهو النظر أو القصد إلى النظر أو أول جزء من النظر أو ... إلى آخر فلسفتهم المختلف فيها وعندهم أن الإنسان إذا بلغ سن التكليف وجب عليه النظر ثم الإيمان, واختلفوا فيمن مات قبل النظر أو في أثنائه, أيحكم له بالإسلام أم بالكفر؟!
وينكر الأشاعرة المعرفة الفطرية ويقولون: إن من آمن بالله بغير طريق النظر فإنما هو مقلد, ورجح بعضهم كفره, واكتفى بعضهم بتعصيته، وهذا ما خالفهم فيه الحافظ ابن حجر- رحمه الله - ونقل أقوالا كثيرة في الرد عليهم, وإنّ لازم قولهم تكفير العوام بل تكفير الصدر الأول (١) .
الرابع: الإيمان:
الأشاعرة في الإيمان مرجئة جهمية أجمعت كتبهم قاطبة على أن الإيمان هو التصديق القلبي، واختلفوا في النَطق بالشهادتين أيكفي عنه تصديق القلب أم لابد منه، قال صاحب الجوهرة:
والنطق فيه الخلف بالتحقيق
وفسر الإيمان بالتصديق
وقد رجح الشيخ حسن أيوب من المعاصرين أن المصدّق بقلبه ناج عند الله وإن لم ينطق بهما ومال إليه البوطي. فعلى كلامهم لا داعي لحرص النبي - صلى الله عليه وسلم- أن يقول عمه أبو طالب:"لا إله إلا الله"؛ لأنه لاشك في تصديقه له بقلبه، وهو ومن شابهه على مذهبهم من أهل الجنة!!